Monday, March 22, 2010

أفتخر بشنو !؟

لضمان عدم سوء الفهم والتأويل، لابد أن أشير قبل البدء إلى أن كل مشارك في معرض «كويتي وأفتخر» في نسختيه الأولى والثانية، وأي معارض أخرى ذات الصبغة المحفزة على الإبداع أفضل مني بمراحل، فهو يسعى إلى صقل هوايته أو موهبته إن وجدت، وهو أمر لا أقوم به أنا بحماسهم ونشاطهم، أقول قولي هذا ليستوعب القراء بأنني لا أكتب لمجرد النقد أو الحسد أو الغيرة، بل إن الدافع الوحيد هو حبي أن أرى أبناء وطني متفوقين ومتميزين.

ولأنني أحب تميز أبناء وطني، فأنا أحرص دائما على حضور هذه النوعية من الفعاليات والمعارض، وآمل مع ذهابي إلى كل معرض أن أجد إبداعا كويتيا أتفاخر به أينما ذهبت، ولعل أبرز تلك المعارض في رأيي هو معرض «كويتي وأفتخر P2BK»، ومع كل زيارة أرجع بمعية آمالي خائبا من المجمل وفرحا ببعض الاستثناءات.

فأنا أشاهد أكثر من 60 قمرة متنوعة الألوان والأشكال، والمضمون متشابه، فهذا الذي يستورد بعض الملابس الرياضية من الخارج، وتلك التي وضعت لمساتها على بعض الملابس الجاهزة، وآخر لوّن بعض إكسسوارات الهواتف، وأخرى تجيد فن صناعة الحلوى، وآخر حاز وكالة من شركة أجنبية... لا داعي أن أستطرد فقد وصلت الفكرة على ما أعتقد.

لا مانع بلا شك أن ينمي المرء هوايته وموهبته سواء كانت فنية أو تجارية أو رياضية أو غيرها من المواهب والهوايات التي توافق ميوله، لكن هل حقا تستحق الأمثلة السابقة وشبيهاتها أن تكون مدعاة للفخر وأن يرفع لها شعار «رفعي راسج ياكويت»؟

نعم هناك أمثلة وإبداعات في تلك المعارض تستحق الإشادة ورفعة الرأس أيضا، ولكنها لا تتعدى للأسف حسب متابعتي الـ5% من محتوى المعارض، والبقية الباقية هي هوايات معروضة لا أكثر.

ولا يمكنني بأي شكل من الأشكال أن ألقي كل اللوم على شباب المعرض وأصحاب الهوايات والمواهب، فهم في النهاية ضحية لدولة سعت بشتى الطرق، ولاتزال في سعيها، إلى استخدام أقل وأصغر جزء ممكن من العقل، وهو ما يجعل الفكر يتمحور في أفق ضيق لا يتسع لأكثر من طعام لذيذ ولباس جميل والبحث عن الأموال.

نحن بحاجة حقا إلى أن نتمرد على ظروفنا التعيسة وعلى مفاتيح العقول الكثيرة لنتمكن فعلا من أن نكون كويتيين تفخر بنا الكويت.

ضمن نطاق التغطية:

لا يفوتني إلا أن أشير إلى أن الشاب ضاري الوزان وزملاءه القائمين على معرض «كويتي وأفتخر» هم أبرز المبدعين في معرضهم (رغم التحفظ على محتوى المعرض) لأنهم تمكنوا من استقطاب الشركات لرعاية المعرض رغم ما تبقى من الأزمة المالية، بل تمكنوا أيضا من جلب اهتمام القيادة السياسية في الدولة لهذا المعرض، وهو أمر بلا شك يحسب لهم، ومن الممكن أن يصنف كإبداع كويتي حقيقي.

خارج نطاق التغطية:

وجهت كلامي ناصحا للأستاذ جعفر رجب في مقالي السابق على خلفية مقال منسوب إليه نشر في أحد المواقع الإلكترونية، وقد نفى الأستاذ جعفر ما نسب إليه في ذلك الموقع، لذا فأنا أعتذر إن ساهمت في نسب مقالٍ إلى الأستاذ جعفر، هو قام بنفيه، وأعتذر عن هذا الخطأ غير المقصود.

الجريدة بتاريخ 22-3-2010

Monday, March 15, 2010

أنا ليبرالي

عنوان المقال الذي اخترته هو نفسه الذي اختارته مدونة 'أم صدّه' في موضوعها الأخير، وعلى الرغم من أنه توارد للخواطر، ولكن لزاما عليّ أن أشير إلى أنهم سبقوني إليه. منذ أن وعيت على الدنيا وأنا أعشق الحرية حتى قبل أن أعرف ماذا تعني المصطلحات كالليبرالية أو الاشتراكية أو الدكتاتورية وغيرها، جل ما كنت أعرفه بأنني ولدت حرا وأعشق أن أكون حرا.

لا يهمني إطلاقا تعريفات الليبرالية أو شذوذها عن الفطرة الإسلامية كما يحلو للبعض أن يصورها كي تنفر النفوس منها، ولكن ما يعنيني حقا هو ألا يأتي أحمق بلحية طويلة أو بغترة من دون عقال ليصنفني كيفما يشاء لكي يحقق النصر كما يتصور. فأنا أحب بل أحارب لكي يعبر الجميع عن رأيه، وإن قيّد القانون رأيه فسأرفض القانون بالأطر الدستورية، وأطالب بحرية أن يعتقد المرء بما يشاء حتى إن عارض معتقده إيماني وقناعاتي بعنف، وأقف مع أكثر الناس معارضة لي لا لشيء بل لمنحه الفرصة في القول كما مُـنحت أنا الفرصة نفسها.

لا أكتفي بهذا بل أحترم الإنسان أيا كان، فهو له الحق بالعيش والعدل والمساواة، له من الواجبات ما لي وعليه من الحقوق ما عليّ، لا يهمني جنسه أو أصله أو لونه أو عرقه، إن أراد أن يلعب الكرة فليلعب وإن رفض فهو حر، إن أرادت أن تلبس الحجاب أو تكون سافرة فلتكن فهي حرة كما أريد أن أبقى أنا.

لي أخلاق تحكمني بعيدا عن أي دين أو ملّة، فأنا أنفر من المخدرات والمسكرات ليست لأنها مرفوضة دينيا، بل لأنها تذهب العقول والأرواح أيضا، أنا ضد الانتحار ليس لأنه حرام شرعا بل لأنه يودي بنفس الإنسان وينهي حياةً لم تنتهِ بعد، أنا أرفض العلاقات التي لا غاية منها سوى اللهو والكذب والمتعة الآنية، والدين ليس هو رادعي وسبب رفضي بل لأن تلك العلاقات قد تؤدي إلى كوارث اجتماعية وصحية يصعب تجاوزها والخروج منها. أنا لا أعمم الخطأ، فإن جاء أحمق وادعى أن أفكاري وأفكار الآلاف أو الملايين غيري تقبل بنكاح البنت من أبيها أو الأخت من أخيها فأنا لا أرد بأن كل من يعتنق الرأي السلفي «قوطي» وقليل أدب و«مخه وصخ». تلك هي بضاعتي وتلك هي أفكاري... للجميع الحق في نقضها أو قبولها أو تعديلها وفق ما يشتهي، لكن لا يملك أحد كائنا من كان بأن يتطرف في وصف أفكاري وتحليلها وتفسيرها دون أن تصدر مني.

خارج نطاق التغطية:

نشر للكاتب الظريف جدا جعفر رجب مقال منع من النشر، حيث يكتب في أحد المواقع الإلكترونية، وقد ساءني جدا ما ذكر فيه من انحدار بمستوى اللغة لا يليق لا بالقارئ ولا بالكاتب ولا بالموجه إليه المقال، أتمنى أن تتدارك نفسك يا أستاذ جعفر وتعتذر عما خطّته يداك، هذه رسالة من محب ومتابع.


جريدة الجريدة بتاريخ 15-3-2010

Monday, March 08, 2010

يعني نقدر بليّـاكم

بعد سنوات عجاف من الانتكاس والخيبة والحزن، تأهل منتخب الكويت إلى نهائيات كأس آسيا، هذا الأمر الذي كان في الماضي في عداد المسلّمات والأمور غير القابلة للنقاش تحول اليوم إلى إنجاز يستحق أن نهلل له ونصفق.

أنا هنا لا أقلل مما تحقق أبدا، بل أعلم جيدا أننا نتكلم عن متغيرات عصفت بالعالم بشكل عام وبالمنطقة بشكل خاص، إلا نحن راوحنا في أماكننا، فمازال لاعبونا هواة تشغل تفكيرهم الوظيفة أو الدراسة، ومازلنا نبحث عن الأرخص في استعداداتنا. على الرغم من كل هذه الإحباطات تمكنا من الصعود والتأهل على حساب الأستراليين والعمانيين أصحاب الظروف الأفضل منا والإمكانات الأقوى، فهنيئا لنا برجال بلدنا الذين تحاملوا على أنفسهم وعلى إحباطاتهم من أجل أن يسعدوا الكويت وشعبها ومحبيها.

هذا ليس مربط الفرس، بل ما حدث خلال ثلاثة أعوام كاملة هو المحرض لكتابة هذا المقال، فقد أثاروا الزوبعة تلو الأخرى ولايزالون في عملهم هذا، وكرروا: أبعدوا الساسة عن الرياضة، وأصروا أن سبب التخلف والتراجع الرياضي هم الساسة، وما إن ابتعدوا لأربعة أشهر فحسب حتى خطونا هذه الخطوة العملاقة سواء في تصنيفات الفيفا الشهرية أو على صعيد النتائج، فمنتخبنا لم يخسر منذ أن رفعوا أيديهم عن الكرة، وفكرة أن الرياضة لا تزدهر إلا بوجود أبناء الشهيد باتت فكرة بالية رثة لا يستطيع أفضل المحامين الدفاع عنها، بل ليس الأمر كذلك فحسب، فإنه بعدم وجود أبناء الشهيد أو بعض أدواتهم، مع احترامنا لأشخاصهم وقدراتهم، أصبح الوضع أفضل وأجمل.

لقد قال لي الدكتور أحمد الخطيب ذات مرة إن «جمال الأسر الحاكمة وسر ديمومتها والتفاف الناس حولها هو أن تكون الملجأ في حال الخصام، لا أن تكون أحد أطرافه»، وهو الأمر الذي فعلا نفتقده في الكويت، خصوصا في الشق الرياضي، فالشهيد فهد الأحمد استن سنّة، وإن كانت بنوايا طيبة إلا أنها أنتجت القليل جدا من الزهور والكثير جدا جدا من الشوك الذي مزق الأيادي، فالرياضة ليست حكرا على أحد والنجاح غير مقرون بأشخاص بل بعطاءات، ورجال الكويت قادرون على هذا الأمر ليس عن طريق النزاع والخصومة، بل بلغة القانون والنظام.

هذا جل ما نصبو إليه فإن استمرت الحال وفق هذه الطريقة فأقولها بكل ثقة إن الوعد في الدوحة 2011.

ضمن نطاق التغطية:

السيد ناصر الخرافي تبرع بمليون دولار للأشقاء في المنتخب المصري حين فاوزا بكأس إفريقيا.


الجريدة بتاريخ 8-3-2010

Wednesday, March 03, 2010

قصة بطل

ناشدته بخوف أن يتوقف عن مقاومته العنيفة للاحتلال العراقي، فهو أب لثلاث فتيات صغيرات، فلم يكن منه إلا أن أجاب مقسما بأن الغزاة وإن اعتقلوا فتياته الصغيرات أمام عينيه فإنه لن يتوقف عن مقاومتهم حتى لا يهنأ لهم عيش على أرضه.

نعم لم يبالِ الشهيد يوسف إبراهيم الفلاح بعواقب الأمور حتى إن وصل الأمر إلى فلذات أكباده وأعز ما يملك، فهذه الأرض هي عرضه وشرفه وأغلى ما لديه في الوجود، فإن أهدرت كرامتها فلا عيش له ولا كرامة، قتل هذا الشهيد البطل أكثر من 200 عراقي بشهادة من اعتقله من الغزاة، فمن الكفاح المسلح إلى دس السم للغزاة مع الشهيد البطل الآخر الدكتور هشام العبيدان.

تلك هي قصة بطولية من مئات القصص الأخرى التي شهدت البطولة ولاتزال دماء أبطالها تجعلنا نتذوق طعم العيش الحر، وإن ما يميز شهداء الكويت وأسراها الشهداء عطفا على بطولتهم وتضحيتهم أنهم جميعا ودونما استثناء لم يكونوا يبحثون عن مجد أو بطولة شخصية، ولم يفكروا يوما بكيفية تخليد ذكراهم وكيف ستعاملهم بلدانهم بعد رحيلهم، لم يكن يدفعهم سوى الحب ولا شيء سواه، فتمكنوا من بناء صرح شامخ في كل القلوب، لم ولن يتزعزع أبداً، اسمه: «شهداء الكويت وأبطالها».

نأتي اليوم- وفي الكويت التي تبرعوا لها بدمائهم كي تبقى حيّة- لنتجاهل حتى ذكراهم، ونكتفي بشريط أصفر وآخر أسود يزين قنواتنا في يومي التحرير والاستقلال، بل تسن القوانين كما يدعي المجلس البلدي لطمس هويات أبطالنا الشهداء.

فقد أطلق سكان المنصورية على سبيل المثال اسم الشهيد البطل يوسف الفلاح على أحد شوارعها وعلى الرغم من عدم إقرار الدولة بالاسم لقولهم إنه يمنع وضع أسماء الشهداء على الشوارع والمناطق باستثناء شارع الشهداء، على الرغم من وجود منطقة كاملة باسم الشهيد فهد الأحمد، وهو أمر مستحق لجميع الشهداء طبعا ومنهم الشهيد فهد الأحمد.

أكرر بأن شهداءنا الأبطال لم يبحثوا عن مجد أو شارع أو منطقة، ولكننا نحن الكويتيين من نبحث عن ذكرى خالدة مستحقة لأبطال يعتبرون لنا قدوة ونبراسا يضيء لنا طريق البناء، نعم نحن من نرفض أن تطمس هوياتهم من المناهج والمناطق والطرقات، فلو تعلمنا أو على الأقل أحيينا ذكراهم بشكل دائم فلعلنا نستوعب معنى التضحية الحقّة.

إن كان هناك قانون فعلا يحظر وضع أسماء الشهداء على معالم الكويت وطرقها، فاللعنة على مثل هذا القانون الكريه القاتل للبطولة في أنفسنا، وإن لم يكن هناك قانون فبئساً لمن يرفض أن تخلد ذكرى أفضل الكويتيين على الإطلاق.

ملحوظة: لقد تم استبدال باسم الشارع الذي أطلق عليه سكان المنصورية شارع الشهيد يوسف الفلاح، اسم أحد رجال الكويت الأخيار الذي نكن له كل احترام، ولن نرضى أبدا أن يطمس اسم كل من قدم للكويت سواء المال أو الدم أو الجهد، ولا نطلب سوى المساواة في تكريم أهل الكويت ورموزها.

خارج نطاق التغطية:

صراع أزلي على مسمى الخليج سواء كان عربياً أو فارسياً، وكأن المسمى سيغير من العالم شيئا، أو سيطوّر العقول و يجعلنا في مصاف الدول المتقدمة، لا يهم إن كان الخليج فارسياً أم عربياً، فهو في النهاية ليس من صنع العرب أو الفرس فما الفخر بالاسم يا ترى؟

جريدة الجريدة بتاريخ 3-3-2010