Monday, April 26, 2010

أنا مع السّمي

للمرة الثانية يتقدم النائب علي الراشد بتعديلات على الدستور، وكالعادة يتهمه البعض بالانقلاب على الدستور ومحاولته طمطمة قضايا أخرى كالخصخصة.

الغريب في الأمر أنه كلما تكلم أي عضو خارج نطاق تحركات التكتل الشعبي يثار مثل هذا الكلام، فعلى سبيل المثال يكون موضوع التكتل الشعبي الرئيس هو الخطوط الكويتية، فيأتي نائب آخر ليتحدث عن مؤسسة البترول مثلا، فتوجه سهام «الشعبي» ومناصريه إلى هذا النائب بأنه يريد أن يغطي على تجاوزات «الكويتية»، في حين أن هذا النائب له من الأولويات ما يختلف عن أولويات «الشعبي» وهو أمر بالتأكيد لا بأس فيه، فالمجلس بالتأكيد غير مختزل بأربعة أو خمسة أعضاء، وهو ما يعني في حالة اليوم مثلا أن أولويات علي الراشد تختلف عن أولويات «الشعبي»، وهو أمر طبيعي، بل محبّذ، فنحن لا نريد خمسين علي الراشد أو مجلسا كاملا من التكتل الشعبي.

وبعيدا عن نوايا التخوين والمؤامرة فإنه لزام علينا أن ننظر إلى فحوى اقتراح علي الراشد، وأن نتفق أو نختلف معه كمضمون وليس كنوايا، فعلي الراشد يقترح تعديلا للدستور وهو حق أصيل أقره الدستور نفسه في مادتيه 174 و175، وهذا ما يعني أن أي معارض لتعديل الدستور ضمن نطاق وشروط الدستور هو أول من يقف ضد هذا الدستور ويسعى إلى وأده.

أما محتوى تعديل علي الراشد فهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام: أولها هو ألا تباشر الحكومة أعمالها إلا بموافقة المجلس على التشكيل الحكومي، وأعتقد أن هذا التعديل إن تحقق فما هو إلا عبارة عن نزع فتيل تأزيم مفتعل من بعض النواب وتحذير مسبق لأي رئيس حكومة قادم بحسن الاختيار أو على الأقل التوافق مع المجلس في اختياراته.

ثاني التعديلات ينص على زيادة عدد النواب والوزراء في المجلس، وهو أمر أعتقد أنه شبه حتمي لأن نسبة الخمسين نائبا التي كانت كافية قبل نصف قرن تقريبا لم تعد تعكس الرأي العام حاليا لتضاعف عدد الكويتيين عما كان عليه قبل نصف قرن.

أما التعديل الأخير والقاضي بموافقة 4 نواب مع المستجوِب لتقديم استجوابه، أو موافقة تسعة نوّاب مع المستجوِب في حال استجواب رئيس الوزراء، وزيادة عدد الموقعين على طلب طرح الثقة، فهو اقتراح وإن افترضنا فيه حسن النية والسعي إلى تقنين وتنظيم الأدوات البرلمانية إلا إنه غير دستوري يا «بوفيصل» وإن لم تتقبل ذلك، فهذا التعديل فيه تقليص لحرية النائب، وهو ما يعني مخالفة الشرط الدستوري الملزم في أي تعديل بأنه يكون لمزيد من الحريات.

أعلم جيدا أن هناك أدوات نيابية تتطلب أكثر مما يتطلبه الاستجواب، ولكن ثغرات النصوص الدستورية لا تعني أبدا أن نتجاوزها، بل علينا التعايش معها ومحاولة صقلها بشكل أفضل دون تقليص للحرية.

إنني على يقين تام بأن تعديلاتك التي أؤيد 2 من أصل 3 منها لن تنقل المجلس من الجحيم إلى الجنة، لكنها في رأيي المتواضع ستحسّن الأحوال ولو جزئيا، فليأخذ بها من يأخذ وليرفضها من يرفض دون تخوين وتشكيك بالنوايا.

خارج نطاق التغطية:

قتل المشاريع الشبابية في مشروع أسواق القرين التي سنعرج عليها في مقال لاحق، لمصلحة من يتم يا وزير البلدية؟


الجريدة بتاريخ 26-4-2010

Monday, April 19, 2010

أثنيناتكم تفشلون

قانون الخصخصة الذي أقر في مداولته الأولى في الأيام الماضية هو قضية المرحلة في الكويت، ولا أعتقد إطلاقا أن الأمور ستهدأ بالانتهاء من الإقرار في المداولة الأولى، بل قد تتسبب هذه الخصخصة بأزمات وسهام متطايرة من كل جانب.

لم يتسن لي حتى لحظة كتابة هذا المقال أن أحصل على نسخة متكاملة للقانون المقر، وأنا على يقين بأن الحديث سيطول حول هذا القانون ونصوصه بعد حين، ولكن الحديث عن خصخصة قطاعات الدولة ليس بالحل الجديد للبعض، ولكنه غريب بالنسبة لمضامينه كما أراها أنا.

فتخصيص القطاع العام كله أو جزء كبير منه يعني أن القطاع العام فاشل في الإدارة، وعليه فيجب أن يستبدل بقطاع خاص يتمكن من إصلاح مكامن الخلل والفساد المتفشي بالقطاع العام، ولكي نترجم هذا الكلام إلى لغة أبسط فإن هذا يعني أن الحكومة، وهي المهيمنة على القطاع العام، فاسدة وفاشلة وغير قادرة على الإدارة.

وهذا ما يعني أيضا أن الحكومة الموقرة، وبتصويتها في المداولة الأولى على قانون الخصخصة، كانت أول المؤيدين لفشلها وعدم قدرتها على إدارة الدولة، مما يجعلها تحتاج إلى إدارة خارج نطاقاتها للتمكن من إنقاذ الوضع، والطريف حقا هو أن الدولة فرحة جداً بما يسمى السهم الذهبي الذي تمتلكه في مسألة التخصيص مما يجعلنا نعود إلى نقطة البداية، فالحكومة فاشلة في الإدارة وفي الوقت ذاته تريد أن تتسلم زمام مسألة الخصخصة، وهو ما يعني الفشل مجدداً بكل تأكيد.

المصيبة حقاً، هي أن من صوّت في هذا الاتجاه من النواب وعددهم عشرون نائباً، لم يعوا، أو بالأصح تجاهلوا، نقطة فشل الحكومة وباركوا تصويتها مع أن تأييدهم لهذا القرار يؤكد الفشل الحكومي العام، ويجب أن يعلنوا عدم التعاون مع الحكومة الفاشلة في إدارة القطاع العام.

نأتي إلى الصوت النيابي المعارض للخصخصة وتخوفه الرئيس كما قرأت من تفاصيل الجلسة ينقسم إلى شقين: الأول، هو أن تخصص ثرواتنا الطبيعية والصحة والتعليم، مما يجعلها عرضة للنهب المنظم من بعض أصحاب النفوذ الاقتصادي، وهو حجة رفض معقولة ومقبولة في رأييّ. أما الحجة الثانية، فهي الخوف على البسطاء من أن تقطع أرزاقهم في حال الخصخصة، وهو أيضا ما يعني اعتراف ضمني بأن كل الموظفين من الكويتيين ليسوا أكفاء، ويستحقون البقاء في مناصبهم، ومتى ما طُبّقت الخصخصة، فإن الكثير سيخسرون وظائفهم لعدم أهليتهم، فمن المستحيل أن يتم الاستغناء عن المنتجين من الموظفين مهما كانت دكتاتورية القطاع الخاص، فمن يحقق الفوائد والإنتاج المتميز من المستحيل أن يتم الاستغناء عنه، فالإنتاج يعني الأرباح، وهو هدف القطاع الخاص.

إذن فالمحصلة هي اعتراف المجلس والحكومة بأن الحكومة فاشلة في الإدارة، وأن الشعب الكويتي أو جزء كبير منه غير منتج وعالة على الأعمال، وهو ما يعني أن الخصخصة والتأميم ليسا هما الحل، بل بناء مجتمع مؤهل قادر على استحضار ماضينا القريب الذي كان الكل فيه يبني ويعمّر وينتج من أجل هذا البلد، وهذا خير من ألف قانون تنمية وقانون إصلاح سياسي.


الجريدة بتاريخ 19-4-2010

Monday, April 12, 2010

خوش مسج بو فهد

لا أتفق مع السيد علي جابر الأحمد الصباح فيما خطته يداه حول مسألة ازدواجية الولاء لبعض المواطنين الكويتيين الذين حصرهم في منطقة معينة، نعم قد يكون هناك من يخالف القانون في الكويت، وما أكثرهم، دون تحديد انتماءاتهم العرقية والعقائدية، ولكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أن كل من يخالف القانون لا يدين بالولاء للوطن.

ولكي لا تتشتت حروف المقال لتفسيرات وتأويلات غير مقصودة، فإني بلا شك أرفض أن يكون هناك ازدواجية في الجنسية لأي كويتي وهو الأمر المرفوض قانونا، وكل من يدافع عن التعدي على القانون هو أيضا متعدٍّ عليه ومنتهك له.

ليس هذا ما أود قوله في هذا المقال، ولا قضية محسومة كازدواجية الجنسية هي الديدن، لكن ما استوقفني حقا ودفعني للكتابة هو حيثيات مقال السيد علي الجابر، فقد نشر مقاله في يوم الجمعة الموافق 9-4-2010، وقد توالت ردود الأفعال النيابية الغاضبة تحديدا طوال اليوم، إلى أن جاء الفرج من وزير التنمية السيد أحمد الفهد في مساء نفس اليوم، إذ قال «إن أي تصريح أو تلميح للتشكيك بالولاء الوطني لأي من فئات شعبنا المخلص هو أمر مرفوض جملة وتفصيلا».

لو لم أكن من المتابعين للشأن السياسي بالكويت، لقلت إن تصريح الفهد السريع والفوري لم ينبع إلا من حرص الحكومة على الدفاع عن الوطن والمواطنين، حتى إن كان ذلك التعدي عبارة عن مجرد مقال. ولكن للأسف الشديد فإن معطيات الأمس القريب جدا تثبت بما لا يدع أي مجال للشك بأن ما أدلى به وزير التنمية لم يكن سوى تصريح تحكمه مصالح ليس إلا.

ففي مارس الماضي قيل عن إدارة الفتوى والتشريع وهي محامي الحكومة ولسانها القانوني إنها «إدارة غير محايدة ومدلّسة وتؤتمر من الخارج»، وهو ما يعني الطعن وليس التشكيك فحسب بولاء وحيادية وأخلاقيات إدارة الفتوى والتشريع وهي محامي الحكومة كما ذكرت آنفا!!

إلى اليوم، ورغم مرور أكثر من 20 يوما، لم يصدر أي تصريح حكومي من السيد أحمد الفهد أو من غيره ليرفض، وأكرر، الطعن وليس التشكيك فحسب بالذراع القانوني للحكومة!! على الرغم من أن الطعن لم يكن على شكل مقال فحسب بل مقابلة تلفزيونية مباشرة ومن شقيق الفهد السيد طلال!

لقد أوصل وزير التنمية سواء بقصد أو من غير قصد رسالة واضحة المعالم والمعاني بأن من لديه قوى مؤثرة في المجلس سندافع عنه فورا، بل حتى قبل أن تصل الإهانة إلى مسامعهم، أما من يهادن الحكومة «ولا يهش أو ينش» في المجلس بحجة عدم تعطيل التنمية والمواءمة السياسية وغيرها من «خرابيط» فلا مراعاة أو مبالاة أو حتى تقدير له، والكلام لكم 'يالربع'.

خارج نطاق التغطية:

أتمنى أن يوجه سؤال برلماني واحد فقط إلى وزير المواصلات عن عدد الطائرات التي تعطلت في الجو أو على الأرض من أسطول الخطوط الكويتية، ليعرف الجميع معنى سوء الإدارة الحقة لأعرق مؤسسة طيران في المنطقة.

الجريدة بتاريخ 12-4-2010

Monday, April 05, 2010

... وإذا ساوموها يا مسلّم؟

سأقف مع النائب مسلم البرّاك، وسأصدقه حينما يقول إن النائبة أسيل العوضي تمت مساومتها فعلا من قبل الحكومة، على أن تكون الصفقة بين العوضي والحكومة هي أن تقف ضد طرح الثقة بالوزير أحمد العبدالله مقابل أن تقف الحكومة مع إحالة قانون فصل التعليم المشترك إلى المحكمة الدستورية للبت في مدى دستوريته.

الموضوع كما أراه ينقسم إلى شقّين: الشقّ الأول هو مبدأ المساومة على المواقف، وهو ما يعني المتاجرة بالرأي والكلمة، وهو بلا شك أمر مرفوض ولا يجب القبول به بأي شكل من الأشكال خصوصا من نوّاب الأمة، ولكن السؤال الموجه إلى النائب البرّاك: هل الحكومة هي فقط من يساوم النوّاب؟ وقد تنجح مع البعض وتفشل مع البعض الآخر؟ أولم يساوم النوّاب الحكومة من ذي قبل؟ بل ساوموا بعضهم بعضا أيضا، ولكن في تلك الحالة فإنهم يسمونه تنسيقا نيابيا!! أولم يشترط على النواب القسم في تجمع العقيلة مثلا؟! فإما أن يقف النائب معكم وإما أن ترهبوه بانتزاع رداء الوطنية منه، وتشخصوه بأنه انبطاحي متنفع؟

إذن فمبدأ المساومة، وإن كان مرفوضا جملة وتفصيلا، قائم وممارس من قبلكم ومن الآخر سواء كانت الحكومة أو غيرها، فلا يجوز بعد ذلك أبدا أن تكون الحكومة هي صاحبة المساومة الخسيسة ومساومتكم تعتبر تنسيقا نيابيا وتوحيدا للصف الوطني.

أما الشق الآخر من حديث البرّاك فيتمحور حول فحوى القضية التي ادعى «بوحمود» مساومة الحكومة فيها للنائبة العوضي، وهي قضية إحالة القانون السيئ الذكر رقم 96/24 والمتعلق بفصل التعليم المشترك إلى المحكمة الدستورية.

كل المتابعين للشأن السياسي في الكويت يعلمون علم اليقين أن نوابا كأسيل العوضي وصالح الملا وعبدالرحمن العنجري وعلي الراشد يضعون قضايا الحريات وعدم التمييز والمساواة على رأس أولوياتهم التشريعية، وأبرز تلك القضايا بالنسبة إليهم هي قضية التعليم المشترك، بل قد لا يخلو حديث في ملتقياتهم وندواتهم العامة عن هذا الموضوع وتحركاتهم في سبيل تغيير قانون فصل التعليم، وهو قانون، بالنسبة للكثيرين وأنا منهم، غير دستوري وسبة في حق الدستور وواضعيه ومؤيديه، والتحرك في هذه القضية ليس وليد اليوم، بل هو ممتد عبر السنين، وهو ما يعني أن النائب البرّاك لم يكشف سرا دفينا في الحديث عن رغبة أسيل العوضي في إحالة القانون إلى المحكمة الدستورية، أما عن موقف الحكومة إن كان فعلا كما تفضلت بأنها ستؤيد الإحالة إلى المحكمة الدستورية، فهو ما يعني أنها في هذه القضية متمسكة بالدستور وتسعى إلى الحفاظ عليه، فهي طبقت القانون السيئ الذكر ولم تهمله أو توقفه، وفي الوقت ذاته وافقت على التحقق من دستوريته لتكون الكلمة الفصل لأهل الاختصاص والشأن.

إن واجبك اليوم يا«بوحمود»، ولكي تثبت للجميع أن الدستور أخوك كما تفضلت من ذي قبل، هو الدفع بكل ما أوتيت من قوة لإحالة هذا القانون وغيره من قوانين تحوم حولها الشبهات الدستورية إلى المحكمة الدستورية، لا أن «تعاير» من يرغب في تطبيق الدستور واستيضاح بعض مكامن الخلل فيه، فهل ستمضي قدما في الدفاع عن أخيك حتى إن كنت معجبا بفصل الاختلاط، أم أنك ستتبرأ من «خليصك»؟

الجريدة بتاريخ 5-4-2010