Sunday, October 08, 2006

البداية


ما ان بادر الزميل الكريم عزام العميم بالطلب مني بكتابة مقال في مجلة أبواب، حتى وافقت ومن دون تردد على هذا الطلب، نظرا لما تملكه هذه المجلة من شعبية جارفة بين أوساط الشباب بشكل خاص وسائر المجتمع بشكل عام، ولم تأت هذه الشعبية من فراغ بل هي نتاج واضح لعمل دؤوب وتفكير عميق في معرفة ما يحتاجه القارئ
وكم يسعدني أن تكون البداية مع هذه المجلة العزيزة في شهر رمضان الكريم أعاده الله علينا وعليكم بكل خير ومحبة. وكلي آمل أن يكون لكتابتي في هذه المجلة فائدة ومنفعة للقاريء، متمنيا من كل من يتفق معي أو يختلف بإحترام وجهة نظري

الأزمة والسبب

بعد أزمة المياه وإنقطاعها على مدى أكثر من عام كامل، طالعتنا أزمة الكهرباء مؤخرا ولم تسلم منها أي منطقة من مناطق الكويت في موسم الصيف الحارق
وقد يتبادر إلى الأذهان سؤال مهم: كيف لبلد يعيش في مثل هذه الوفرة المادية ولله الحمد والشكر أن يمر بأزمة من هذا النوع
والإجابة بساطة تتمثل بالآتي، إن البلد ومنذ زمن بعيد يشهد تعديات وإختلاسات من الأموال العامة، ولكن الكثيرون منا لم يشعروا بهذه الإختلاسات نظرا لعدم تعديها على معيشتنا الحيوية واليومية بشكل مباشر، وهذا ما جعلنا نتغاضى أو لا نهتم بهذه الإختلاسات بشكل كبير، ولكن الآن أصبحت هذه التعديات تمس حياتنا بشكل مباشر ونشعر بها مباشرة، فقد وصل الفساد إلى مختلف القطاعات ومنها صيانة المولدات الكهربائية على سبيل المثال، ولأن القائمون على المشاريع الحيوية لم يعودوا يجدون أي مصدر مادي لتشييد المنشآت الحيوية كالكهرباء والماء بسبب الإختلاسات الواقعة على الميزانيات المخصصة لهذه المنشآت، علما بأن هذه المنشآت لا تكلف الدولة سوى القليل من دخلها العام، وهذا ما يعني وببساطة بانه إذا تغاضى الشعب عن المهازل التي تحدث في هذا البلد فانه سيأتي اليوم وأنا أراه قريب جدا الذي سنشهد فيه قلة الطعام والدواء في الكويت

لغز

إفترض أيها القاريء العزيز بأنك بحاجة إلى وظيفة أيا كانت و أيا كان شكلها لتستطيع إعالة أسرتك التي تعتبرك أملها الوحيد في الحياة، وإفترض أيضا أن الحصول على هذه الوظيفة يتطلب منك في باديء الأمر أن تدفع مبلغا وقدره 1000 دينار، وأنت لا تملك هذا المبلغ، فتدفع الأسرة جميع مدخرات حياتها لتجمع ال 1000 دينار وتضمن بذلك حصولك على الوظيفة التي تمكنك من إعالة الأسرة، وتحصل بعد هذا العناء على وظيفة خارج بلدك بمرتب لا يتجاوز ال 30 دينار، وهي أفضل وظيفة يمكنك الحصول عليها، وتجبر على صرف 10 دنانير شهريا من هذا الراتب على مأكلك ومشربك فقط، وهذا ما يعني أنه في أفضل الأحوال لن تستطيع سوى تحويل 20 دينار شهريا لأسرتك التي جمعت لك ال 1000 دينار، وهذا ما يعني أنك ستقضي 4سنوات وشهرين متواصلين في غربة عن بلدك حتى تتمكن من أن تعيد ال 1000 دينار لأسرتك! ومن ثم تبدأ بإعالتهم فعليا. فماذا ستفعل
قد يجعلك هذا الإنكسار الذي ستعيشه تتجه إلى أحد الإتجاهين فإما أن ترتكب الجريمة كالسرقة أو التهريب أو الدعارة وإما أن تتسول لتتمكن من سد حاجتك المادية
هذا الحال يا عزيزي القاريء ينطبق على عدد ضخم من العمالة الوافدة في الكويت، فتجار الإقامات والشركات الكبرى تستغلهم أبشع وأسوأ إستغلال وتنتهك كل مفهوم لحقوق الإنسان دون تقدير أو إحترام، لدرجة تجبرهم إما على التسول أو الجريمة، لتأتي بعد ذلك حكومتنا الموقرة وتحارب التسول بدلا من أن تعاقب المتسبب الحقيقي في هذه المأساة، فإن كنا نريد حقا زوال هذا السلوك فما علينا سوى محاسبة المتسبب الحقيقي لا العمالة المسكينة الباحثة عن سبيل للحياة
مجلة أبواب- عدد اكتوبر 2006

1 comment:

UmmEl3yal said...

السرقة من المال العام والاختلاسات شائعة في كل الوطن العربي والحمد لله. ولكن بعض المستنفعين من الذكاء بحيث يفكر في المستقبل ويخطط على المدى البعيد. هؤلاء .. رغم السرقة يقدمون شيئا ما لأوطانهم ويستثمرون في شعوبهم لضمان استمرار الثروة .. مثال على ذلك السعودية والامارات وحتى قطر. أما الكويت - صل على النبي فسرقة بغباء وقصر نظر

أما عن أحوال العمالة الهامشية فالمؤسف ان حتى جمعيات حقوق الانسان في الكويت لا تحرك ساكنا للدفاع عنهم. وكأننا استكثرنا عليهم حتى انسانيتهم