إجازة مدتها 5 أيام تعد من أقصر الإجازات الرسمية التي تمنحها الدولة التي تسعى إلى أن تكون مركزا ماليا (ما دري شلون؟)، وقد غادر البلاد، بحسب الإحصاءات، 124 ألف مواطن ومقيم، ولأن المقيمين يسعون إلى ادخار الأموال فأنا أستبعد أن يكون هناك أكثر من 20 ألف مغادر بينهم والبقية هم من المواطنين.
بمعنى أن لدينا مئة ألف كويتي وكويتية إن لم يكن أكثر من ذلك غادروا البلاد مع بداية الإجازة التي تنتهي اليوم، أي 10% من الكويتيين تقريبا غادروا الكويت غير الحجاج طبعا.
طيب، لماذا يسافر الكويتيون في هذه الإجازة، فالجو بديع كما تلاحظون، إذن فحُجَّة الحر والغبار غير موجودة، والإجازة قصيرة لا تستحق تكبد عناء السفر خصوصا إلى البلدان الأوروبية أو غير الخليجية بشكل أدق، إلا في حالة واحدة أن البلد لا يطاق البقاء فيه لولا الدوام.
لن أتطرق إلى اللهو غير المقبول عقلاً كالمسكرات أو القمار أو الجنس، والذي قد يكون- وهذا ما لا أتمناه- سببا في نزوح البعض إلى الخارج، وأتمنى، أكثر مما أعتقد، أن يكون المغادرون لهذا السبب قلة، نسبة إلى الـ10% من المغادرين.
لكن البقية تطير إلى الخارج لأن البلد خالٍ من المتعة المقبولة عقلا، فأماكن الفرح محدودة، فإما اللجوء إلى المجمعات التي نملؤها دون تسوق وإما الذهاب إلى المنتجعات الشاطئية التي تكون أسعارها أغلى من السفر أو محجوزة بالكامل من قبل أن يدخل رمضان.
ما آخر مشروع ترفيهي حكومي في البلد؟ الإجابة هي متنزه الخيران في 1987 قبل أكثر من عشرين عاما، وما آخر مشروع ترفيهي خاص؟ أعتقد أنه متنزه الشعب الترفيهي في منتصف التسعينيات، وذلك إن استثنينا بعض المتنزهات المائية التي تغلق أبوابها في الشتاء.
لا حفلات غنائية بحجة أنها مرفوضة في مجتمع محافظ و10% من هذا المجتمع يسافرون إلى بلدان تحلل ما نحرمه، ولو كان بمقدور الآخرين السفر من الناحية المادية لسافروا، فلا أماكن للترفيه والمتعة، ولا نملك صالة عرض مسرحية محترمة كي يكون لدينا مسرح لا تهريج، ولا ملعب رياضيا جيدا يمكّننا من استضافة أحداث رياضية تستقطب الجماهير.
بحسبة بسيطة فإن كان متوسط ما يصرفه المسافر في هذه الإجازة من تذاكر سفر وسكن وترفيه هو 400 دينار كويتي وأعتقد أن المبلغ أكبر من ذلك، فإن هذا يعني أن شعب الكويت المسافر صرف 40 مليون دينار لقضاء خمسة أيام خارج الحدود!!
هل رأيتم حجم «الكدر» الذي نعيشه لدرجة تجعلنا فرحين في صرف 40 مليون عن طيب خاطر في خمسة أيام، المصيبة أن 40 مليوناً تصرف لأننا اخترنا من لا يريد الترفيه في الكويت ويرفض الابتسامة، والمصيبة الأكبر أن هذه الأموال التي تنعش «أبو الاقتصاد» تذهب أمام ناظر الدولة والحكومة مرارا وتكرارا دون أن تقدم البديل كي يصب الدهن في المكبّة.