تساءَلت بهدوء: ما الذي أوصل التيار الوطني إلى هذه الحال من التراجع والتذبذب؟ ولماذا ابتعد الرأي العام عن الالتفاف حول التيار الوطني بعد أن كان يطوقه بالحب والتأييد حتى إن عانى الغبن لموقفه هذا؟
سيدتي الجميلة... الأجوبة بسيطة، ولكن لأعرِّف التيار الوطني بالنسبة لي على الأقل والذي أعتقد أنه يطابق رؤيتك أيضاً.
برأيي أن التيار الوطني هو كل من وقف وطالب، بل ناضل، من أجل أن نكون سواسية.
وهم كل من حارب وساهم في صنع كويتٍ لا تعرف محسوبية ولا مجاملة على حساب الأرض.
وهم كل مَن قالوا، بل لم يكتفوا بالقول، وواجهوا برأيهم الحر الذي آمنوا به حتى إن كان معاكسا للتيار، فأقروا بقولهم ووقوفهم حقوق المرأة ولو بعد حين.
وهم أيضا من رسم خريطة العمل لكل متنفذ في البلد فأوقفوه عند خط القانون لا يتجاوزه.
ولأتحرى الدقة أكثر سأذكر أسماء أبرزهم برأيي، ولا أختزل كل التيار الوطني فيهم: أحمد الخطيب- جاسم القطامي- سامي المنيس- عبدالله النيباري- حمد الجوعان- أحمد الربعي- أولئك أبرزهم بالنسبة لي لقربي من أعمالهم.
أجيبُكِ الآن عن سؤالك، أول أسباب التراجع تقع على عاتق من ذُكرت أسماؤهم، فهم لم يعملوا بشكل أفضل مما يجب عمله في تهيئة أجيال متلاحقة تتمكن من مواصلة المسير بنفس القوة والتأثير.
أما ثانيها، فهو يتمثل في الخضوع والتنازل اللا متناهي يا سيدتي لمن يحمل لواء التيار الوطني حالياً، فالسرقة لا بأس بها والتفرقة نتغاضى عنها ووأد الحريات نرحب به، أما قيادة الرأي العام فحدث ولا حرج، فالتيار المدعو بالوطني حالياً أصبح كالطفيليات التي تقتات على قضايا الغير؛ فهذا الذي يتبع التاجر، وذلك الذي يتبع فارس الصراخ، وآخر يكتفي بأن يتبع الحكومة ويصمت.
هل لكِ يا سيدتي أن تجيبي كيف أصبح تيارنا الوطني بكباره قبل صغاره يتصدرون صفحات وشاشات إعلام المجرم البريء، بعد أن كاد قادته سابقاً يخسرون أرواحهم في سبيل كشف المجرمين؟
هل لكِ يا سيدتي أن تخبريني كيف أصبحت الملايين التي تذهب إلى بخور وسيارات وشيكات تمنح لمرشحين يوزعونها على ناخبيهم أمراً هيناً، بل لا يستدعي عدم التعاون بحجة المواءمة السياسية والخوف من المجهول؟
أين نحن من حريات ناضل السابقون لإقرارها، ونحن لا نذكرها سوى في المناسبات، باستثناء فئة صغيرة نتمنى أن تكبر مازالت تحمل شيئاً من عبق التيار الوطني الحقيقي، وتسعى لصون الحرية 'مجموعة صوت الكويت'؟
كيف تجرأ البعض على تزوير الانتخابات سنوياً أمام ناظرينا بعد أن أفشل التيار الوطني القديم (مجلس 67) بسبب تزوير الانتخابات؟
نعم لقد تذبذب التيار الوطني يا سيدتي وسيستمر في هذا التراجع، ولن يتوقف إلى أن يتلاشى، وسيصبح من تمت تسميتهم بـ'الدستوريين الجدد' هم التيار الوطني؟ إن لم نكن قادة، وإن لم نواجه، وإن لم تكن مسطرتنا واحدة في رفض العبث كائناً من كان من يكشفه فلن نستمر أبدا.
تلك الإجابات عن سؤالك يا سيدتي الجميلة فهل ستغيرين من هذا الواقع شيئاً؟!
خارج نطاق التغطية:
خبر في الصفحة الأخيرة لإحدى الصحف الزميلة قبل يومين مفاده أن وافدة اعتادت ممارسة الفاحشة مع فئة الـ'في آي بي'، وقد أصر مساعد المدير العام للمباحث الجنائية الشيخ مازن الجراح على إبعادها رغم كثرة الوساطات لإخراجها... الإبعاد بحق الوافدة وفهمناه، لكن السؤال الأهم ما مصير فئة الـ'في آي بي' يا شيخ؟
الجريدة بتاريخ 16-12-2009