لست مع الطرح الفئوي العنصري الكريه للمواطن محمد الجويهل، ولكني أستغرب من أمرين في طرحه: الأول هو صمت المعارضين لطرحه والاكتفاء بتسفيه رأيه وشتمه في بعض الأحيان دون العلم بأن رأي الجويهل أصبح رأيا شائعا متداولا بقوة، فإن صرّح به الجويهل علانية فهناك الكثيرون ممن يصرحون به سرا، ولا يوجد دليل أكبر من عدد الأصوات التي حصل عليها الجويهل في الدائرة الثالثة التي كانت تضم نخبا برلمانية كالسعدون والصرعاوي والملا وغيرهم.
أما الأمر الغريب الآخر فهو أن يكون هنالك أناس بتلك السذاجة والسطحية ممن يؤمنون فعلا بطرح الجويهل، بأن من يخرّب البلد هم ممن لم يعيشوا داخل السور منذ نشأة الكويت إلى حين اكتشاف النفط.
وقبل أن أسترسل في الرد على هذا المعتقد الغريب، لا بد لي أن أشير إلى أن ما حدث في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي من تجنيس عشوائي لتغيير موازين القوى في البلد كان له الأثر الكبير على تركيبة المجتمع الكويتي والإخلال بانسيابية سيره، والحكومات المتعاقبة هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن هذا الذنب الذي لا يغتفر أبدا.
لكن، كما نعلم جميعا بأن أعظم دول العالم وهي الولايات المتحدة (وبالمناسبة فإن عمر الولايات المتحدة منذ نشأتها هو من عمر الكويت تقريبا) ما هي إلا خليط من المهاجرين واللاجئين والمشردين والعصابات، اجتمعوا في أرض واحدة على فترات متفاوته ليجعلوا من الولايات المتحدة، وخلال فترة وجيزة، الدولة الأعظم من حيث النظام والقانون في العالم، ومازالت أميركا تجنّس بشروط ليست صعبة ومازالت تتطور.
إذن فإن التجنيس بحد ذاته أو الكويتيون الجدد ليسوا هم المعضلة، فدخول الأجانب على الكويت بأفكار ومعتقدات غير دارجة في المجتمع قد تشكل صراعا طفيفا بالمعتقدات والرؤى للأمور، ولكن سرعان ما يذوب هذا الصراع تحت إطار القانون والمؤسسة، إلا أن العلّة كل العلّة هي ألا يوجد قانون ومؤسسة تحمينا من صراعاتنا، وهو ما يتحمله ثلّة من أبناء السور كما يسميهم الجويهل وغيره ممن سلموا الأمور إلى سلطة لم تكن تفقه ما تفعل، وكانت تعتقد أن الدولة ستسير بطريقة جيدة إن أقدموا على جريمة التجنيس دون قانون، فقد قتلوا سلطة التشريع منذ منتصف الستينيات حتى بداية الثمانينيات، وهي الفترة نفسها التي قاموا بها بالتجنيس العشوائي، فدخلت المعتقدات الجديدة على الكويت، وحدث الصراع دون أن يكون هناك سلطة قانونية تحد من هذا الصراع وتذيبه.
إن أعظم فترة عاشتها الكويت ما بعد التجنيس العشوائي هي فترة الغزو الغاشم الذي شهد التلاحم والتعاضد بين الأغلبية العظمى من أبناء الكويت سواء كانوا داخل السور أو خارجه، فقد سن الشعب قانونه المتآلف المتضامن بعيدا عن تكتيكات السلطة لدق الإسفين والتفرقة.
طرح الجويهل ليس هو الحل بالتأكيد، وتبنيه لن يزيدنا سوى مأساة فوق مآسينا الكثيرة.
للعلم فقط: إن من خان الكويت من جماعات الإخوان ولصوص المال العام في فترة الغزو هم من داخل السور، وها هم يعيشون بين ظهرانينا معززين مكرمين، ولن يمانعوا من تكرار أفعالهم إن تم ترحيل كل من هم خارج السور.
خارج نطاق التغطية:
http://the-3-monkeys.blogspot.com، هذه المدونة الجميلة نشرت موضوعا يستحق القراءة والتفكير.
الجريدة بتاريخ 1-9-2009
أما الأمر الغريب الآخر فهو أن يكون هنالك أناس بتلك السذاجة والسطحية ممن يؤمنون فعلا بطرح الجويهل، بأن من يخرّب البلد هم ممن لم يعيشوا داخل السور منذ نشأة الكويت إلى حين اكتشاف النفط.
وقبل أن أسترسل في الرد على هذا المعتقد الغريب، لا بد لي أن أشير إلى أن ما حدث في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي من تجنيس عشوائي لتغيير موازين القوى في البلد كان له الأثر الكبير على تركيبة المجتمع الكويتي والإخلال بانسيابية سيره، والحكومات المتعاقبة هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن هذا الذنب الذي لا يغتفر أبدا.
لكن، كما نعلم جميعا بأن أعظم دول العالم وهي الولايات المتحدة (وبالمناسبة فإن عمر الولايات المتحدة منذ نشأتها هو من عمر الكويت تقريبا) ما هي إلا خليط من المهاجرين واللاجئين والمشردين والعصابات، اجتمعوا في أرض واحدة على فترات متفاوته ليجعلوا من الولايات المتحدة، وخلال فترة وجيزة، الدولة الأعظم من حيث النظام والقانون في العالم، ومازالت أميركا تجنّس بشروط ليست صعبة ومازالت تتطور.
إذن فإن التجنيس بحد ذاته أو الكويتيون الجدد ليسوا هم المعضلة، فدخول الأجانب على الكويت بأفكار ومعتقدات غير دارجة في المجتمع قد تشكل صراعا طفيفا بالمعتقدات والرؤى للأمور، ولكن سرعان ما يذوب هذا الصراع تحت إطار القانون والمؤسسة، إلا أن العلّة كل العلّة هي ألا يوجد قانون ومؤسسة تحمينا من صراعاتنا، وهو ما يتحمله ثلّة من أبناء السور كما يسميهم الجويهل وغيره ممن سلموا الأمور إلى سلطة لم تكن تفقه ما تفعل، وكانت تعتقد أن الدولة ستسير بطريقة جيدة إن أقدموا على جريمة التجنيس دون قانون، فقد قتلوا سلطة التشريع منذ منتصف الستينيات حتى بداية الثمانينيات، وهي الفترة نفسها التي قاموا بها بالتجنيس العشوائي، فدخلت المعتقدات الجديدة على الكويت، وحدث الصراع دون أن يكون هناك سلطة قانونية تحد من هذا الصراع وتذيبه.
إن أعظم فترة عاشتها الكويت ما بعد التجنيس العشوائي هي فترة الغزو الغاشم الذي شهد التلاحم والتعاضد بين الأغلبية العظمى من أبناء الكويت سواء كانوا داخل السور أو خارجه، فقد سن الشعب قانونه المتآلف المتضامن بعيدا عن تكتيكات السلطة لدق الإسفين والتفرقة.
طرح الجويهل ليس هو الحل بالتأكيد، وتبنيه لن يزيدنا سوى مأساة فوق مآسينا الكثيرة.
للعلم فقط: إن من خان الكويت من جماعات الإخوان ولصوص المال العام في فترة الغزو هم من داخل السور، وها هم يعيشون بين ظهرانينا معززين مكرمين، ولن يمانعوا من تكرار أفعالهم إن تم ترحيل كل من هم خارج السور.
خارج نطاق التغطية:
http://the-3-monkeys.blogspot.com، هذه المدونة الجميلة نشرت موضوعا يستحق القراءة والتفكير.
الجريدة بتاريخ 1-9-2009