Monday, September 20, 2010

حول ياسر

لم يعد ياسر الحبيب كما كان قبل شهر ونصف معتوها كآخرين يملأون ضواحي الإنترنت الكبرى وشوارعها وأزقتها، بل تحوّل وبإرادة كويتية ونخبوية (المفروض) خالصة إلى كرة ثلج تتدحرج وتكبر وتفوق حجم الكويت وقدراتها بكثير، وهو ما يجعلني أكتب قسرا عن هذا الموضوع وإن كرهت، بل يجبرني على الإسهاب في الحديث وكتابة المقال الطويل الذي أكرهه، على أني سأقسمه إلى فقرات أملا في أن لا أعود إلى هذا الحديث لاحقا.

******

الحكومة إنتظرت عشرة أيام وأكثر من المشاحنات ووصول الأمر للذروة كي تصرح وتهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور لكل من تسوّل نفسه تمزيق الوحدة الوطنية، بعد أن إمتلأت القلوب بالضغينة والغصة والغضب هددت حكومتنا الأرشد، بعد أن سكب الإعلام إياه الحبر الأسود على كل صورة كويتية جميلة حذرت الحكومة الأفضل، بعد أن ملأ نوّاب الحكومة الصفحات والقنوات تعليقا على ياسر بل وشتموا بعضهم البعض وهم النخبة كما ينبغي تحركت الحكومة الأمثل، فكان التحرك منع ندوة بالإجبار وهو تصرف غير دستوري وأقاويل شبه مؤكدة عن سحب جنسية ياسر لأنه مزدوج الجنسية.

*******

نواب الدين السياسي وبعض الفرعيين، بلعوا الطعم بأفضل طريقة ممكنة فصعدّوا وصعّدوا حتى وصلوا للقمة، فكانت النتيجة كما ذكرت آنفا شبه يقين بسحب جنسية ياسر لأنه مزدوج، ولن يستطيعوا اليوم التراجع فلا وسيلة لسحب جنسية ياسر سوى إزدواجيته وهو ما يعني بأن أي مطالبة مستقبلية بسحب جنسية أي مزدوج آخر لن يستطيع كائن من كان من معارضتها فرعيا كان أم غيره، وهو ما يبين لنا مدى سذاجة ولا عقلانية أصحاب الأصوات العالية في هذه القضية.

*******

النواب الأكثر عقلانية كما يفترض صمتوا صمتوا صمتوا وكأن ما يحدث لا يعنيهم ولا يحدث وتدور رحاه في الكويت، فكانت النتيجة مباركة أي قمع لحرية التعبير والفكر. بتجرد وبدون حساسية مفرطة هل تفكّر أحدكم بالكويتي المسيحي ومعتقداته، فالمسيحي بلا شك يؤمن بأن الإسلام ليس بالعقيدة الصحيحة وإن رسالة محمد عليه وآله الصلاة والسلام كلها باطلة وإلا لما كان مسيحيا وإن عيسى بن مريم عليه السلام إبن الله، وهو أمر غير مخفي وقد يعلنه أي من المسيحين الكويتيين داخل أو خارج الكويت، فيا نوابنا الصامتين فإن هذه الحالة بأعين غيركم من النوّاب إهانة للإسلام هذا واحد.. التشكيك في رسالة محمد عليه وآله الصلاة والسلام هذا إثنين... الطعن في آية من آيات القرآن "لم يلد ولم يولد" و تكذيب الخالق وهذه الثالثة. فما هو موقفكم لو أقيمت المهرجانات وشتم كل من يعتقد بغير الإسلام وطالبوا بسحب جنسيته وسترضخ حكومتنا طبعا وبلا شك، صمتكم اليوم سيجعل أي خيار غير الصمت غير متاح لكم غدا.

*******

إعلامنا الأرقى نسبيا ومنها حيث أكتب، حرية التعبير مكفولة أعجبتنا أم لم تعجبنا تلك الحرية وذلك التعبير، و ألف نعم للقوانين المنظمة لتلك الحرية وليست القامعة لها بأي شكل من الأشكال، نعم هناك فتن وبغضاء وتمزيق للوحدة ولكن لن يكون القمع يوما مغيرا لما هو في النفوس أبدا، ولستم أنتم بكل تأكيد الدافعون للقمع وإلا إختلت موازين القوى وأصبحنا في حفلة زار كبيرة لا يسمع في سوى الضوضاء، نعم للوعي لا للقمع أبدا.

******

أخيرا ما تبقى من رأيي، لا يعجبني ولن يعجبني ما يقوله ياسر الحبيب أو غيره من أصحاب الأفكار السطحية كما أراها، ولكني لن أرضى أبدا بأن تقمع فكرة أي فكرة سخيفة أو مهينة أو حمقاء، بل أرفض أن تصدر العقوبات القصوى خارج إطار القانون ردا على فكرة، فاليوم ياسر تحدث عن أمر مرفوض لدى الكل وليس الغالبية ولكن الخوف أن تصدر فكرة مستقبلا لا يقبلها الغالبية فيعاقب خارج إطار القانون صاحب الفكرة، وتليها مباشرة فكرة لا يقبلها الأقلية فيعاقب خارج إطار القانون صاحب الفكرة أيضا إرضاء للأقلية، وتسير الأمور على هذا المنوال إلى حين نصل فيه إلى أن لا نتمكن إلا من تقديم جمل معلبة سريعة الهضم يستلذها الجميع أو تطمس. وحينها يموت العقل ويبقى الجسد يأكل ويشرب ويمارس الجنس وينام وتنتهي الدولة.

Monday, September 06, 2010

عيب وغلط ومو صحيح

لم ننتقل بعد إلى مرحلة الأحزاب السياسية في التسمية فقط، ولكننا نعامل التيارات السياسية الموجودة كأنها أحزاب، فكل تيار له لوائحه التنظيمية وطلبات انتسابه وغيرها من شؤون تنظيمية أخرى، وكل تيار له برنامج عمل، أو من أعرفهم على الأقل، فـ'حدس' و'المنبر' و'التحالف' والبقية البارزة كذلك.

'طيب'... ما الهدف من الانتساب إلى تيار سياسي معين؟ كما أرى فإن المنتسبين إلى التيارات السياسية ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: الأول، ينتسب لإظهار تأييده للتيار، فنجد هذا النوع هو من لا يشاهَد إلا في الملتقيات والأحداث التي ينظمها تياره كالندوات والملتقيات الأخرى. الثاني، هو من ينتسب لأسباب كالروابط القوية مع رموز هذا التيار وقد يعمل أحياناً في تقوية وتسويق تياره بوسائل مختلفة. أما الثالث، وهو الأهم برأيي، فهو من يعمل فعلاً ويجنّد نفسه لخدمة التيار والدفاع عن أهدافه ومبادئه، بل إن هذا النوع هو من يصنع الأهداف والمبادئ ويتحول حينئذ إلى رمز من رموز التيار، حتى وإن كان لا يشغل أي منصب في أمانته العامة أو مكتبه التنفيذي أو أياً كان مسمّاه، وهذا النوع في الغالب لا يتجاوز أفراده العشرين شخصاً مهما كبر حجم أعضاء التيار أو صغر.

وبما أن أحزابنا السياسية غير المشهرة والمعروفة بالتيارات السياسية تؤثر وتتأثر في كياني السلطتين التنفيذية والتشريعية، فإن هذا يعني أن تعاطي السلطتين مع أفراد التيارات السياسية وتحديداً من النوع الثالث يختلف عن طبيعة تعاطيهما مع بقية أفراد الرأي العام، بمعنى أن وزير الكهرباء مثلاً حين يستمع إلى شكوى من مواطن عادي فإن تعامله مع هذا الشكوى سيختلف عن تعامله مع شكوى أحد رموز التيارات السياسية، وهو الحال الذي يسقط على النواب أيضاً وتفاعلهم مع المواطن العادي والتيار السياسي، والسبب باختصار هو أن المواطن العادي في الغالب لا يتمكن من تشكيل المواقف القوية التي قد تشكل هاجساً للسلطات كتلك المواقف التي من الممكن أن يقوم بها التيار السياسي.

لذا فإننا إن وجدنا أي تيار سياسي أو رموزه يستغلون تلك المعاملة المميزة من السلطات لتمرير وتخليص أمورهم الخاصة سواء كان ذلك التيار يمثلنا أو ينافسنا، فإن هذا وبكل تجرد فساد واستغلال نفوذ مرفوض.

فما هو مرفوض بالنسبة لي من ممارسات 'حدس' هو مرفوض لي إن مارسه رموز 'المنبر' و'التحالف'، ولن أفهم أبداً أي تبرير بقانونية أو مشروعية العمل من عدمه، فتساؤل لماذا حصل هذا الرمز على هذا العمل أو المنصب؟ سيظل محل شك وريبة.

برأيي الخاص إن من يريد العمل السياسي المحترم يجب أن ينأى بنفسه عن أي صفقات تحقق الوجاهة الاجتماعية أو الربح التجاري، خصوصاً مع أطراف لا يقوم التيار السياسي أصلاً إلا على التعامل معها ومتابعتها ومراقبتها.

قد يكون الاختيار صعباً وقد يكون ترتيب الأولويات غير يسير أبداً وقد نخسر طاقات مفيدة للتيارات السياسية، ولكن هذا هو الحال القائم، ولا أود أن يموت تيار بسبب جشع بعض رموزه أو قرارات فردية حمقاء.

ملاحظة: كنت آمل ألا أكتب عن السياسة في رمضان ولكن الظروف أجبرتني على ذلك.

خارج نطاق التغطية:

بما أننا دولة تمنح الـ30 من رمضان عطلة، فإني أطالب بأن يكون الخامس من شوّال عطلة مرة واحدة. وعيدكم مبارك مقدماً.


الجريدة بتاريخ 6-9-2010