******
الحكومة إنتظرت عشرة أيام وأكثر من المشاحنات ووصول الأمر للذروة كي تصرح وتهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور لكل من تسوّل نفسه تمزيق الوحدة الوطنية، بعد أن إمتلأت القلوب بالضغينة والغصة والغضب هددت حكومتنا الأرشد، بعد أن سكب الإعلام إياه الحبر الأسود على كل صورة كويتية جميلة حذرت الحكومة الأفضل، بعد أن ملأ نوّاب الحكومة الصفحات والقنوات تعليقا على ياسر بل وشتموا بعضهم البعض وهم النخبة كما ينبغي تحركت الحكومة الأمثل، فكان التحرك منع ندوة بالإجبار وهو تصرف غير دستوري وأقاويل شبه مؤكدة عن سحب جنسية ياسر لأنه مزدوج الجنسية.
*******
نواب الدين السياسي وبعض الفرعيين، بلعوا الطعم بأفضل طريقة ممكنة فصعدّوا وصعّدوا حتى وصلوا للقمة، فكانت النتيجة كما ذكرت آنفا شبه يقين بسحب جنسية ياسر لأنه مزدوج، ولن يستطيعوا اليوم التراجع فلا وسيلة لسحب جنسية ياسر سوى إزدواجيته وهو ما يعني بأن أي مطالبة مستقبلية بسحب جنسية أي مزدوج آخر لن يستطيع كائن من كان من معارضتها فرعيا كان أم غيره، وهو ما يبين لنا مدى سذاجة ولا عقلانية أصحاب الأصوات العالية في هذه القضية.
*******
النواب الأكثر عقلانية كما يفترض صمتوا صمتوا صمتوا وكأن ما يحدث لا يعنيهم ولا يحدث وتدور رحاه في الكويت، فكانت النتيجة مباركة أي قمع لحرية التعبير والفكر. بتجرد وبدون حساسية مفرطة هل تفكّر أحدكم بالكويتي المسيحي ومعتقداته، فالمسيحي بلا شك يؤمن بأن الإسلام ليس بالعقيدة الصحيحة وإن رسالة محمد عليه وآله الصلاة والسلام كلها باطلة وإلا لما كان مسيحيا وإن عيسى بن مريم عليه السلام إبن الله، وهو أمر غير مخفي وقد يعلنه أي من المسيحين الكويتيين داخل أو خارج الكويت، فيا نوابنا الصامتين فإن هذه الحالة بأعين غيركم من النوّاب إهانة للإسلام هذا واحد.. التشكيك في رسالة محمد عليه وآله الصلاة والسلام هذا إثنين... الطعن في آية من آيات القرآن "لم يلد ولم يولد" و تكذيب الخالق وهذه الثالثة. فما هو موقفكم لو أقيمت المهرجانات وشتم كل من يعتقد بغير الإسلام وطالبوا بسحب جنسيته وسترضخ حكومتنا طبعا وبلا شك، صمتكم اليوم سيجعل أي خيار غير الصمت غير متاح لكم غدا.
*******
إعلامنا الأرقى نسبيا ومنها حيث أكتب، حرية التعبير مكفولة أعجبتنا أم لم تعجبنا تلك الحرية وذلك التعبير، و ألف نعم للقوانين المنظمة لتلك الحرية وليست القامعة لها بأي شكل من الأشكال، نعم هناك فتن وبغضاء وتمزيق للوحدة ولكن لن يكون القمع يوما مغيرا لما هو في النفوس أبدا، ولستم أنتم بكل تأكيد الدافعون للقمع وإلا إختلت موازين القوى وأصبحنا في حفلة زار كبيرة لا يسمع في سوى الضوضاء، نعم للوعي لا للقمع أبدا.
******
أخيرا ما تبقى من رأيي، لا يعجبني ولن يعجبني ما يقوله ياسر الحبيب أو غيره من أصحاب الأفكار السطحية كما أراها، ولكني لن أرضى أبدا بأن تقمع فكرة أي فكرة سخيفة أو مهينة أو حمقاء، بل أرفض أن تصدر العقوبات القصوى خارج إطار القانون ردا على فكرة، فاليوم ياسر تحدث عن أمر مرفوض لدى الكل وليس الغالبية ولكن الخوف أن تصدر فكرة مستقبلا لا يقبلها الغالبية فيعاقب خارج إطار القانون صاحب الفكرة، وتليها مباشرة فكرة لا يقبلها الأقلية فيعاقب خارج إطار القانون صاحب الفكرة أيضا إرضاء للأقلية، وتسير الأمور على هذا المنوال إلى حين نصل فيه إلى أن لا نتمكن إلا من تقديم جمل معلبة سريعة الهضم يستلذها الجميع أو تطمس. وحينها يموت العقل ويبقى الجسد يأكل ويشرب ويمارس الجنس وينام وتنتهي الدولة.