لم يكن سهلاً عليَّ أن أسير عكس تيار المناداة بطرح الثقة بوزير الداخلية على خلفية المحور الأول المتعلق بالإعلانات الانتخابية، ومع أني لم أنكر أبداً أن وزير الداخلية تسبب في ضياع خمسة ملايين دينار من خزائن الدولة، فإن قناعتي التي ترسخت من خلال حكم المحكمة الدستورية ودراسة للنائب السابق والمحامي أحمد المليفي التي نشرتها مشكورة مدونة 'دللي ومللي'، جعلتني لا أستطيع أن أقف مع عمل غير دستوري 'الاستجواب' من أجل إطاحة وزير ضيّع خمسة ملايين من أموال الدولة.
أكرر نعم لمحاسبة الوزير، بل وإطاحته أيضاً، لكن وفق الأطر القانونية والدستورية، فليس من المعقول أبداً أننا نناصر وندافع عن مادة من الدستور على حساب الدستور نفسه.
عموماً، فإن ما أفرزه هذا الاستجواب، أو إن صح التعبير، ما طفا على السطح بوضوح بمعية هذا الاستجواب، لهو أمر بغيض وكريه ومرعب، فقد انقسم المجتمع أو جزء كبير منه، حسبما أرى، إلى جزءين ليسا مبنيين على آراء وقناعات منطقية، بل استناداً إلى فئوية كريهة باتت تزامل الكويت بأنماط مختلفة على مر التاريخ الحديث.
ففي الثمانينيات مثلاً قُـسِّمت الكويت إلى تقسيم طائفي كريه إبان قضية لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وهي قضية الثورة الإيرانية وما تلتها من حرب عراقية- إيرانية طويلة المدى، مما حدا بالبعض إلى إجراء انتخابات فرعية سنية في بعض الدوائر الانتخابية لضمان عدم وصول الشيعة، وحدا بالطرف الآخر إلى التمترس وراء الطائفة في المساجد التي اتخذها البعض منهم كمظلة لأعمال تألـيب ضد الطائفة الأخرى، ولعل أوضح الأمثلة في تلك الفترة هو احتلال القائمة الطائفية السُنيّة للمركز الأول في الجامعة وتليها القائمة الطائفية الشيعية في المركز الثاني، وتراجع كل القوائم المنادية بالوحدة إلى المراكز الأخيرة. والمؤسف أن لدينا نواباً يسعون بكل قواهم إلى إعادة هذا التقسيم أحدهم فاز أخيراً بالدائرة الثانية والآخر في الدائرة الرابعة.
اليوم نحن أمام شكل جديد من أشكال هذا التقسيم إلا أنه غير مبني على الطائفة الدينية بل على العرق الاجتماعي، فقد بات البعض يعتقد بأن المعركة هي بين البادية والمدينة بين بوابة السور من الداخل والخارج، وهو وضع مقيت لا يصلح لأن يقوم في دولة، نعم أنا أختلف مع ممارسات يمارسها بعض أبناء القبائل، ولكني أختلف أيضاً مع بعض السُنّة والشيعة والنساء، فهل يعني ذلك أن أعارض أي امرأة أو أي شيعي أو أي سني؟
إن ما يمارس حاليا لا مصير له إلا إشعار أبناء القبائل بالغبن والظلم، وهو ما سيولد لديهم شعوراً بأنهم لن يتمكنوا من الحراك ما لم يعززوا روح القبيلة على حساب أي أمر آخر، فتصبح الانتخابات الفرعية الفئوية شعاراً لابد منه حتى في صغائر الأمور، وتصبح المحسوبية واحتكار المعروف على الأقربين، هما أساس الممارسة العامة للجميع.
نعم ليُحاسب المخطئ ويُنبذ أيضاً، ولكن لا يُعمَّم حاله على الجميع، وليكن أول المنبوذين هو من يقسِّم المجتمع إلى فئات وطوائف وقبائل، كي نتمكن من التعايش قبل أن يحدث ما لا تحمد عقباه.
خارج نطاق التغطية:
نمى إلى علمي أن وزير الكهرباء جلب ما يقارب العشرين موظفاً من أبناء قبيلته بغير وجه حق لإدارة مكتبه، فإن صحّ ما علمت به، فهو دليل دامغ على ما ذكرته أعلاه.
الجريدة بتاريخ 6-7-2009
أكرر نعم لمحاسبة الوزير، بل وإطاحته أيضاً، لكن وفق الأطر القانونية والدستورية، فليس من المعقول أبداً أننا نناصر وندافع عن مادة من الدستور على حساب الدستور نفسه.
عموماً، فإن ما أفرزه هذا الاستجواب، أو إن صح التعبير، ما طفا على السطح بوضوح بمعية هذا الاستجواب، لهو أمر بغيض وكريه ومرعب، فقد انقسم المجتمع أو جزء كبير منه، حسبما أرى، إلى جزءين ليسا مبنيين على آراء وقناعات منطقية، بل استناداً إلى فئوية كريهة باتت تزامل الكويت بأنماط مختلفة على مر التاريخ الحديث.
ففي الثمانينيات مثلاً قُـسِّمت الكويت إلى تقسيم طائفي كريه إبان قضية لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وهي قضية الثورة الإيرانية وما تلتها من حرب عراقية- إيرانية طويلة المدى، مما حدا بالبعض إلى إجراء انتخابات فرعية سنية في بعض الدوائر الانتخابية لضمان عدم وصول الشيعة، وحدا بالطرف الآخر إلى التمترس وراء الطائفة في المساجد التي اتخذها البعض منهم كمظلة لأعمال تألـيب ضد الطائفة الأخرى، ولعل أوضح الأمثلة في تلك الفترة هو احتلال القائمة الطائفية السُنيّة للمركز الأول في الجامعة وتليها القائمة الطائفية الشيعية في المركز الثاني، وتراجع كل القوائم المنادية بالوحدة إلى المراكز الأخيرة. والمؤسف أن لدينا نواباً يسعون بكل قواهم إلى إعادة هذا التقسيم أحدهم فاز أخيراً بالدائرة الثانية والآخر في الدائرة الرابعة.
اليوم نحن أمام شكل جديد من أشكال هذا التقسيم إلا أنه غير مبني على الطائفة الدينية بل على العرق الاجتماعي، فقد بات البعض يعتقد بأن المعركة هي بين البادية والمدينة بين بوابة السور من الداخل والخارج، وهو وضع مقيت لا يصلح لأن يقوم في دولة، نعم أنا أختلف مع ممارسات يمارسها بعض أبناء القبائل، ولكني أختلف أيضاً مع بعض السُنّة والشيعة والنساء، فهل يعني ذلك أن أعارض أي امرأة أو أي شيعي أو أي سني؟
إن ما يمارس حاليا لا مصير له إلا إشعار أبناء القبائل بالغبن والظلم، وهو ما سيولد لديهم شعوراً بأنهم لن يتمكنوا من الحراك ما لم يعززوا روح القبيلة على حساب أي أمر آخر، فتصبح الانتخابات الفرعية الفئوية شعاراً لابد منه حتى في صغائر الأمور، وتصبح المحسوبية واحتكار المعروف على الأقربين، هما أساس الممارسة العامة للجميع.
نعم ليُحاسب المخطئ ويُنبذ أيضاً، ولكن لا يُعمَّم حاله على الجميع، وليكن أول المنبوذين هو من يقسِّم المجتمع إلى فئات وطوائف وقبائل، كي نتمكن من التعايش قبل أن يحدث ما لا تحمد عقباه.
خارج نطاق التغطية:
نمى إلى علمي أن وزير الكهرباء جلب ما يقارب العشرين موظفاً من أبناء قبيلته بغير وجه حق لإدارة مكتبه، فإن صحّ ما علمت به، فهو دليل دامغ على ما ذكرته أعلاه.
الجريدة بتاريخ 6-7-2009
6 comments:
التنفيــع للمعارف مرض منتشر في الكويت منذ عشرات السنين ، تابع "أغلب" مناقصات الجهات الحكومية أين ترسي لتعرف قصدي ..
أنا شخصيا ، صدفت الظروف أن أطلع على مناقصة للشركة التي أعمل فيها والتي رست عليها من قبل إحدى أكبر وزارات الدولة بشبهة تنفيع واضحة جدا وبلا أي خدمات مميزة وقيمتها بالملايين .. لأن التنفيع لا يرتبط بجيناتك وأصلك وفصلك .. بل يرتبط بفساد الذمة
تحياتي
ماذا لو كان الإستجواب دستوري ! فهنا يجب محاسبة الوزير سياسيا ولكن لا نعدمه
لأن تقديم طرح الثقة بالوزير سيدفعه إما للإستقالة أو التدوير أو حتى طرح الثقة ولكن السؤال المهم
هل سترجع ال٥ ملايين ؟ فهذا هو الإلتفاف على الدستور بعينه أي أن يسرق الشخص ثم يقدم إستقالته ! يجب أن تتم العملية بالأطر القانونية بحيث يتم تحقيق ثم إكتشاف المتسبب و تحويله للنيابة إن ثبت عليه التجاوز ،، و إن كان النائب يملك الدليل لقدم بلاغ للنائب العام كمواطن، لكن إعدام الوزير سياسيا كأن تحميه من المحاسبة القانونية
وهنا يتضح أمامنا الحرج الذي وقع فيه المستجوب والذي بات يتدارك خطأه بمحاولة تحويل الوزير لمحكمة الوزراء ألم يكن الأجدر إنتظار نتائج لجنة التحقيق المشكله بالوزارة أو إنتظار تقرير النيابة العامة
أتذكر كلمة للوطنيين الحق أمثال الدكتور أحمد الخطيب و الأستاذ حمد الجوعان عندما قالوا أننا لا يمكن زن نوقف السرقة ولكن نحاول الحد منها
محاسبة الوزير و الحفاظ على المال العام لكن بالنهاية ماذا استفاد المواطن ؟ هل ال٥ ملايين رجعت ؟ هل بني بها مستشفى أو مدرسة ؟
أنا وصلت لحالة من اليأس للأسف والتي بت أدعو فيها ( خل يبوقون بس خل يبنون لنا شي ) ولا شمستفيدين لما تحمي المال العام و توقف كل السرقات و تظل الأموال مجمدة وتوقف كل المشاريع بحجة التنفيع !!
أعتذر على الإطالة و أتفق معك في بقية الموضوع
أتشرف بدعوتكم لزيارة مدونتي
صاجين الناس يوم يقولون عنكم متستريت بالعلمانية
مغاتير
افضحهم ولا تسكت
الصقر
لو كان الإستجواب دستوري لوجبت طرح الثقة كمسؤولية سياسية لن تعفيه من المساءلة القانونية
صوت الكويت
بالتوفيق
انو
شلون؟؟
المشكلة
ان في هذا الوقت من يدعم هذا المرض ويقويه هي الحكومة وبشكل واضح
وانظر لملف الازدواجة لم تصرح الحكومة وجعلت الملف بيد ارقوزات سياسية انا مو مع الازدواجية بس مو مع التعامل المشكك بالولاء والانتماءات
والموضوع محير جدا
و انا كوني صغير سن اسئل الوالد ورواد الدوانية من شيابنا عن الكويت قبل
هل كان موجود مثل محمد هايف او المهري
هل كان موجود مثل راعي الفحما ومحمد الجويهل
وكان الجواب بلاااااا قاطعه!!!
اذا لم نتفطن لمثل هذه الممارسات سنكون لبنان جديد
رئيس الحكومة سني
ورئيس المجلس شيعي
والداخيلة للبدو (لانهم يحبونها)
والمالية للحضر هم لانهم يحبونها
ويتغير الدستور ويسمون دستور الدوحة؟؟!!
الله لا يقوله
Post a Comment